العودة   منتدى تناهيد قلب > ..::ღ♥ღ تناهيد قلب الإسلامي ღ♥ღ ::.. > علــــوم القرأن الكريــــم ✿
التسجيل التعليمـــات روابط مفيدة المجموعات التقويم مشاركات اليوم البحث
 
   


الهدى في سورة البقرة

علــــوم القرأن الكريــــم ✿


إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
 
   
  #1  
قديم 04-16-2024, 06:46 PM
حكآيتي آنتْ♚ حكآيتي آنتْ♚ غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Mar 2024
المشاركات: 530
افتراضي الهدى في سورة البقرة




سبحان مُنزل القرآن، وتبارك في عُلاه، اللهُ العظيمُ القائل: ﴿كِتَابٌ ‌أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [هود: 1].

قد كان من اللافت ورود مفردةِ "هدى" واشتقاقاتها في سورة البقرة بكثافةٍ واضحة لمن تأمَّلها، وكأن ذلكم الورود الكثير جوابٌ على آيةِ سؤالِ الهِداية في أمِّ الكتاب: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ ‌الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة: 6]؛ لذا فلا عَجَبَ إن كانت فسطاط القرآن العظيم[1]، ولعل هذهِ اللفتة من جُملةِ الأسباب التي جعلت لها ذلك الفضل الأسنى الرفيع بعد فضل احتوائها على أعظمِ آيةٍ في القرآنِ العظيم، والآيتينِ الأخيرتينِ منها.

فعن أُبيّ بن كعب رضي الله عنـه أن رسول الله صلى الله عليـه وسلم قال: ((يا أبا المُنْذِرِ، أتَدْرِي أيُّ آيَةٍ مِن كِتابِ اللهِ معكَ أعْظَمُ؟)) قالَ: قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: ((يا أبا المُنْذِرِ، أتَدْرِي أيُّ آيَةٍ مِن كِتابِ اللهِ معكَ أعْظَمُ؟))، قالَ: قُلتُ: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ‌الْحَيُّ ‌الْقَيُّومُ [البقرة: 255]، قالَ: فَضَرَبَ في صَدْرِي، وقالَ: ((واللَّهِ لِيَهْنِكَ العِلْمُ أبا المُنْذِرِ))[2].

وعن النعمان بن بشير رضي الله عنـه، أن رسول الله صلى الله عليـه وسلم قال: ((إنَّ اللَّهَ كتبَ كتابًا قبلَ أن يخلُقَ السَّماواتِ والأرضَ بألفي عامٍ أنزلَ منهُ آيتينِ ختمَ بِهما سورةَ البقرةِ، ولا يقرآنِ في دارٍ ثلاثَ ليالٍ فيقربُها شيطانٌ))[3].

أولًا: معنى الهُدَى:
الهدى لغةً: الهدى والهِدَاية مصدران لقولهم: هَدَى يَهْدِي، وهما مأخوذان من مادةِ (هَدَى) التي تدلُّ على أصلين: أحدهما: التقدُّمُ للإرشاد، والآخر: بَعْثَةُ لَطَفٍ، فالأولُ قولهم: هَدَيْتُهُ الطريق هِدَايَةً؛ أي: تقدَّمتُهُ لِأُرْشِدَهُ، وكل متقدِّمٍ لذلك هادٍ، ويتشعَّبُ هذا المعنى فيُقال: الهدى خِلافُ الضلالة.. والأصلُ الآخر الهَدِيَّةُ: وهي ما أَهْدَيْتَ من لَطَفٍ إلى ذي مَوَدَّةٍ[4].

والهدى والهداية في موضوع اللغة واحد؛ لكن قد خصَّ الله عز وجل لفظةَ الهُدى بما تولَّاهُ وأعطاهُ، واختصَّ هو به دون ما هو إلى الإنسان نحو قوله: ﴿‌هُدًى ‌لِلْمُتَّقِينَ [البقرة: 2]، وقوله: ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ [البقرة: 5]، والاهتداءُ يختصُّ بما يتحرَّاهُ الإنسان على طريقِ الاختيار؛ إما في الأمور الدنيوية أو الأخروية كما في قولِهِ سبحانه: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ ‌لِتَهْتَدُوا بِهَا [الأنعام: 97][5].

الهدى اصطلاحًا:قال الراغب: الهِدَايَةُ دَلَالَةٌ بلُطْفٍ، وقال الجرجاني: الهِدَايةُ الدَّلَالَةُ على ما يُوَصِّلُ إلى المطلوب، وقال ابن القيِّم: الهِدَايةُ هي البَيَانُ والدِّلَالةُ، ثم التوفيقُ والإلهام، وهو بعد البيان والدلالة، ولا سبيلَ إلى البيانِ والدَّلَالَةِ إلا من جهةِ الرُّسُل، فإذا حصل البيانُ والدلالةُ والتعريف ترتَّب عليهِ هِدايةُ التوفيق[6].

ثانيًا: الهُدى والهِدَاية في سورةِ البقرة:
وردت مفردة الهدى واشتقاقاتها نحوًا من ثلاثين مَرَّة في سورةِ البقرة؛ فمن المطلعِ الكريم: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ ‌لَا ‌رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ [البقرة: 2] وكأنَّهُ توطئة لمعنى الهِدَاية وسُبُلها وأنواعها، وموانعها؛ كالظلم والكفر على سبيلِ المثال، وكذلك ذِكرُ المصدر والهادي إليها وهو اللهُ عز وجل، وكُل ذلك مبثوثٌ في تلكم الآيات الكريمة التي نستعرضها سريعًا:
1- ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [البقرة: 5]، ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا ‌الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ [البقرة: 16].

2- ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا ‌بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ [البقرة: 26].

3- ﴿قُلْنَا ‌اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة: 38].

4- ﴿وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ‌وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [البقرة: 53].

5- ﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ ‌إِنَّ ‌الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ [البقرة: 70].

6- ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ ‌عَلَى ‌قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ [البقرة: 97].

7- ﴿وَلَنْ تَرْضَى ‌عَنْكَ ‌الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ [البقرة: 120].

8- ﴿وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ ‌مِلَّةَ ‌إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [البقرة: 135].

9- ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ ‌فِي ‌شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة: 137].

10- ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ ‌عَنْ ‌قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [البقرة: 142].

11- ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً ‌وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ [البقرة: 143].

12- ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا ‌بَلْ ‌نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ [البقرة: 170].

13- ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا ‌الضَّلَالَةَ ‌بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ [البقرة: 175].

14- ﴿‌شَهْرُ ‌رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة: 185].

15- ﴿لَيْسَ ‌عَلَيْكُمْ ‌جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ [البقرة: 198].

16- ﴿كَانَ النَّاسُ ‌أُمَّةً ‌وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [البقرة: 213].

17- ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي ‌حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [البقرة: 258].

18- ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ ‌بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [البقرة: 264].

19- ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ ‌فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ [البقرة: 272].

ثالثًا: هِدَايَات كثافة الورود في السورة الكريمة:
إن كثافة ورود مُفردة (الهدى) واشتقاقاتها في سورةِ البقرة، مع ما جاء في فضل هذهِ السورة العظيمة خاصة؛ لَيُبَيِّن للقارئ أهميةَ طلبِ الاهتداء من الله عز وجل، والحرص على هذا المعنى العظيم؛ نيَّةً وقصدًا وقولًا وعملًا، كما يُنبِّه على موانعها وحجبها ليتقي ذلك حريصٌ على نَجاةِ نفسِهِ، وخلاصها من أهوالِ وعِقابِ يومٍ عظيم، بأن يتهيأ لهُ الوصولُ إلى مطلُوبِهِ بإذنِ ربِّهِ تعالى، ولا أعَزَّ من رِضوانِ ربٍّ كريم في جِوَارٍ كريم.

عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فِيما رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أنَّهُ قالَ: ((يا عِبَادِي، إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَن هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلَّا مَن أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ عَارٍ إلَّا مَن كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يا عِبَادِي، إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، يا عِبَادِي، إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يا عِبَادِي، لو أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا علَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنكُمْ؛ ما زَادَ ذلكَ في مُلْكِي شيئًا، يا عِبَادِي، لوْ أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا علَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ؛ ما نَقَصَ ذلكَ مِن مُلْكِي شيئًا، يا عِبَادِي، لو أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي، فأعْطَيْتُ كُلَّ إنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ؛ ما نَقَصَ ذلكَ ممَّا عِندِي إلَّا كما يَنْقُصُ المِخْيَطُ إذَا أُدْخِلَ البَحْرَ، يا عِبَادِي، إنَّما هي أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاهَا، فمَن وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَن وَجَدَ غيرَ ذلكَ فلا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ))، وفي روايةٍ: ((إنِّي حَرَّمْتُ علَى نَفْسِي الظُّلْمَ وعلَى عِبَادِي، فلا تَظَالَمُوا))[7].

عن أبي أيوب الأنصَاري رضي الله عنـه أنَّ أعْرابِيًّا عَرَضَ لِرَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وهو في سَفَرٍ. فأخَذَ بخِطامِ ناقَتِهِ، أوْ بزِمامِها، ثُمَّ قالَ: يا رَسولَ اللهِ -أَوْ يا مُحَمَّدُ- أخْبِرْنِي بما يُقَرِّبُنِي مِنَ الجَنَّةِ، وما يُباعِدُنِي مِنَ النَّارِ، قالَ: فَكَفَّ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ نَظَرَ في أصْحابِهِ، ثُمَّ قالَ: ((لقَدْ وُفِّقَ، أوْ لقَدْ هُدِيَ))، قالَ: كيفَ قُلْتَ؟ قالَ: فأعادَ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ((تَعْبُدُ اللَّهَ لا تُشْرِكُ به شيئًا، وتُقِيمُ الصَّلاةَ، وتُؤْتي الزَّكاةَ، وتَصِلُ الرَّحِمَ، دَعِ النَّاقَةَ))[8].

وعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليـه وسلم قال: ((إنَّ الهَدْيَ الصالحَ والسَّمْتَ الصالحَ والاقتصادَ جزءٌ من خمسةٍ وعشرينَ جُزءًا من النُّبوةِ))[9].

وعن عثمان بن أبي العاص الثقفي وامرأة من قيس أنَّهما سَمِعَا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال أحَدُهما: سمِعْته يقولُ: ((اللَّهُمَّ اغفِرْ لي ذَنْبي، وخَطَئي وعَمْدي))، قال الآخر: سمعتُهُ يقول: ((اللَّهُمَّ إنِّي أستَهديكَ لأَرشَدِ أَمْري، وأعوذُ بكَ من شَرِّ نفْسي))[10].

وعن فَضَالةَ بن عبيدٍ رضي الله عنـهُ أنَّهُ سمع رسول الله صلى الله عليـه وسلم يقول: ((طوبى لمن هُدِيَ للإسلامِ وَكانَ عَيشُهُ كفافًا، وقَنعَ))[11].

نسأل الله تعالى أن يهدينا لرضوانهِ وصراطهِ المستقيم.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-21-2024, 04:10 AM
شوق المطر شوق المطر غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Apr 2024
الدولة: ليبيا
المشاركات: 116
افتراضي

جزاكِ الله عنا كل خير على متصفحكِ الطيّب
وجعله فى ميزان حسناتكِ
ورزقكِ الفردوس العلا من الجنة
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-25-2024, 09:14 AM
حكآيتي آنتْ♚ حكآيتي آنتْ♚ غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Mar 2024
المشاركات: 530
افتراضي

اسعدني مرورك
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


Loading...

   
 
 
   

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir